التوبة من السحاق
♦ الملخص:
فتاة تابت من السحاق، ولم يبقَ منه سوى خيط واحد، يتمثل في فتاة كانت تقيم معها علاقة، وتلك الفتاة تريد أن تعيش معها، واعتادت عليها كأمها، حتى إنها ترضع منها، وهي تسأل: هل يجوز ذلك؟
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة كنت أُقيم علاقات مع فتيات مثلي، ومؤخرًا فكرت في التوبة من كل معصية، وأصبحت لا أريد هذه العلاقات، ولكن لديَّ صديقة كنت مقيمةً علاقةً معها، وتحدثت معها في التوبة معًا، وهي يتيمة منذ الصغر، وتسكن مع خالها وعائلته، وهم يسيئون التصرف معها، فهي دائمًا تنام في حِضني، وتطلب مني أن أرضعها دائمًا، وتناديني بأمي، وتريد مني أن نعيش معًا، أشعر كأنها ابنتي، وهي تشعر بأنني أمُّها، فهل هذه الأفعال تجوز؟ وما الواجب عليَّ فعله؟
بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فالحمد لله الذي ميزنا بالعقل، وجعل لنا من أنفسنا واعظًا، وجعل باب التوبة مفتوحًا حتى تبلغ الروح الحلقومَ، وجعل الهدى هدى الله، ومن يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
لا داعي لأن أصف شعوري بعد قراءة رسالتك، فقد سيطر عليَّ الغثيان كلما قرأتها، وكم مرة فكرت في الاعتذار عن الإجابة عنها! لكني تَمهَّلتُ، والحمد لله أنْ شرح الله صدري للإجابة عنها.
بدايةً أنتِ تعرفين الإجابة، وقد حاك الذنب في صدركِ، وحدثتكِ نفسكِ بالتوبة، فبيَّن لي ذلك أنكِ ما زلتِ تحتفظين ببقية من فطرة ربما تعود بكِ للحق بإذن الله.
فهمت من حديثكِ أنكِ تقيمين علاقاتٍ مع بنات مثلكِ، وهذه العلاقات محرمة لا أستطيع أن أفهم من هذا الكلام إلا أنك سحاقية، أو مشروع سحاقية عياذًا بالله.
يا بنتي، هذه أفعال الملعونين، لا أعرف كيف انحدرت نفسكِ التي بين جنبيكِ لهذا الفعل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، في العموم ما دام الله قد شرح صدركِ للتوبة، فمؤكد أنه سبحانه يعلم أن قلبكِ ما زال فيه خير، فسارعي لإحياء فطرتكِ، واثبتي على توبتكِ، واتبعي هذه النصائح حتى تثبتي على التوبة:
اقطعي علاقتكِ تمامًا بكل بنت أقمتِ معها علاقة، حتى لو كانت من العائلة، واحرصي ألَّا تجمعكِ بها مناسبة.
حاولي تغيير الوسط الذي تتعاملين معه كله، انتقي صحبة صالحة، التحقي بحلقات تحفيظ القرآن، وإن تعذر، فأحضري مُحفِّظة إلى بيتكِ تعينكِ وتعاونكِ على نفسكِ، وكثرة تمسككِ بالقرآن، ستطرد عنكِ الشيطان، وتعينكِ على تهذيب نفسكِ.
أكثري من الاستغفار والتوبة بورد ثابت لا يقل عن 200 مرة باليوم صباحًا ومساءً؛ لتغسلي سواد الذنب، وتنقي صحيفتكِ برحمة الله وعفوه.
اشغلي نفسكِ بأي باب من أبواب الخير، فالنفس إن لم تشغليها بالحق، شغلتكِ بالباطل.
جاهدي فراغ وقتكِ وفراغ قلبكِ بأي نشاط مباح، بحسب ظروفكِ وبيئتكِ، وإمكاناتكِ المادية والمهارية.
غيِّري مشاهداتكِ على الهاتف والتلفاز تمامًا، وابتعدي عن أي مشاهد تثير بداخلكِ الشهوة، أو تدفعكِ للحرام.
يا بنتي، هذا الفحش إن عدت إليه سيدفعكِ لأسوأ منه حتى تصِلي لقاع لن تخرجي منه، ارحمي نفسكِ، وتمسكي بالله، وتزوجي عندما تجدين أول خاطب مناسب.
ودائمًا تذكري عقاب الله سبحانه لقوم لوط، فقد لعنهم في الدنيا والآخرة وجعلهم عبرة للبشر، وخسف بهم الأرض، وجعل مثواهم النار، أيُّ عذاب هذا؟ ولأجل ماذا؟ شهوة عابرة، ودنيا غابرة، وعمر ربما ينقضي الآن وليس غدًا.
الدنيا وما فيها لا تستحق أن تردي نفسكِ في هذه الهاوية.
اتقي يومًا ترجعين فيه إلى الله، وتقفين أمامه سبحانه يتساقط لحم وجهكِ خجلًا منه.
الحمد لله أن هداكِ للتوبة، اثبتي، ثم اثبتي، ثم اثبتي.
العاقبة – والله – خزي في الدنيا والآخرة، إن عدتِ لهذا الفعل.
وهذه الفتاة اليتيمة ابتعدي عنها تمامًا، فالفعل الذي تفعلينه معها قبيح قبيح.
إن كانت مريضة نفسيًّا، فلتذهب إلى طبيب، أما فعلكِ هذا معها وأنتما في العشرين من عمركما؛ لأنكِ قلتِ: صديقتي؛ يعني: في عمر الشباب، وليس في عمر الرضاع!
هذا الفعل لا يجوز، وسوف يجركِ لِما هو أقبح منه.
احمدي الله أنه ستركِ حتى الآن، ووفقكِ للتوبة، واقطعي آخرَ حبلٍ لكِ بهذا الوحل، وهو هذه الفتاة اليتيمة ابتعدي عنها تمامًا، وأكثري من ذكر ربكِ، ومصادقة الصالحات؛ حتى يثبتكِ الله على ما يحب؛ تأملي قول ربك: ﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء: 165، 166].
فأنتِ معهم في الفعل سواء، خرجتِ عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها، هم يأتون الذكران أمثالهم، وأنتِ تأتين النساء أمثالكِ، ماذا فعل الله بهم؟
﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ﴾ [هود: 82]، الأمر جِدُّ خطير، هداكِ الله.
تعليقات الفيس بوك