تعرض للتحرش وهو صغير، ثم مارس الشذوذ الجنسي مع خمسة شباب، ثم تاب
السؤال:
♦ الملخص:
شاب تعرض للتحرش وهو صغير، ثم مارس الشذوذ الجنسي مع خمسة شباب، ثم تاب، لكن الآثار النفسية تقتُله، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
شاء الله عز وجل أن أتعرض لاغتصاب وأنا طفل صغير لم أتجاوز العاشرة من عمري، وبعد البلوغ ربما أثَّر فيَّ ما حدث، إضافة إلى أنني كنت محرومًا من عطف الأب، وكنت أبحث عن متنفَّس؛ لذلك لم أجده إلا في بعض الشباب، وللأسف فقد مارست الجنس وكنت مفعولًا به مع خمسة شباب، والحمد لله تبتُ من ذلك، ولكن لا أزال أعاني الآلام النفسية القاتلة، فكيف السبيل للتخلص من ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فتقبل الله توبتك وعفا عنك؛ قال عز وجل: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
وتأمل نسبة الله للذين أسرفوا على أنفسهم فقال: ﴿ يَا عِبَادِيَ ﴾، ثم أمرهم بعدم اليأس والقنوط من رحمته، مهما عظُمت ذنوبهم وكثُرت، ثم بشرهم أنه يغفر الذنوب جميعًا، وشرطه يسير: التوبة، الندم على الذنب والإقلاع عنه، والعزم على ألَّا تعود له مرة أخرى.
إن النسيان من أعظم نعم الله على العبد، عندما ينسى آلامه وجراحه وأحزانه، فتلك نعمة عظيمة، وإلا ظل يبكي ما فاته، وينتحب على كل عزيز فقد، وعلى كل مصيبة حلَّت به.
اعلم أن التخلص من هذه الذكريات لن يحدث بين يومٍ وليلة، وسوف يستغرق بعض الوقت وقد يطول الوقت.
أنت في حاجة ماسة أن تنسى هذا الماضي سريعًا، وتبتر أي علاقة لك به.
ولن يأتي هذا إلا بالابتعاد التام عن حياتك القديمة، وفتح صفحة جديدة ليس فيها أي من الذكريات القديمة، وليس فيها فراغ يستغله الشيطان، ويثير تلك الذكريات بين الحين والآخر.
ابتر علاقتك بهذا الماضي بشكل تام، واسْعَ جاهدًا على السفر بعيدًا عن المكان الذي تعيش فيه، انتقل للعيش في مدينة أخرى أو دولة أخرى، بحيث لا يمكن أن تقابل أيًّا من هؤلاء الشباب ولو حتى صدفة في أي مكان، ولا تذهب إلى الأماكن التي كنت تلقاهم فيها، لا أقول لك اقطع علاقتك برحِمِك، لا سيما والداك وإخوتك، ولكن الحياة تضطر الكثيرين منا للسفر والهجرة بحثًا عن لقمة العيش، وأنت أحوج من هؤلاء للسفر والهجرة.
ثم غيِّر هيئتك إن استطعت بقدر الإمكان، بحيث لو نظرت في المرآة لم تعرف نفسك، نعم أنت إنسان جديد، هذا الإنسان الذي أذنب قد تغير تمامًا وأنت الآن إنسان جديد، لا تظن أني أنصحك بعمل جراحة لتغير ملامحك، وإنما أتكلم عن الهيئة، فإن كان شعرك قصير فأطله بعض الشيء، وغير نوع ملابسك، ونحو هذا، ربما تبدو هذه أمور بسيطة، ولكنها في غاية الأهمية، أنت في حاجة ماسة أن تشعر أنك وُلدت من جديد.
ثم ابحث عن عمل يستغرق جلَّ وقتك، ولا يترك لك وقتًا للتفكير في الماضي، اعمل ساعات طويلة واجتهد في عملك؛ حتى تعود إلى بيتك متعبًا مرهقًا لا وقت عندك لاجترار الماضي، فإن كان عندك وقت فراغ، فمارِسِ الرياضة ويفضل رياضة بناء العضلات، وخاصة لو كان جسمك ضعيف البنيان.
ثم تأتي أهم خطوة وأخطرها، وهي الزواج، فإن شعرت أنك تتحسن وأن تلك الذكريات تنحسر من حياتك شيئًا فشيئًا، فبادر بالزواج، واقضِ وَطَرك وشهوتك بالشكل الصحيح، وعِشْ حياتك بشكل طبيعي.
أتمنى من الله أن تستفيد من هذه النصائح، ويمكنك زيارة طبيب نفسي بين الحين والآخر، وعرض حالتك عليه، وخاصة لو شعرت أن في قلبك ميلًا للعودة للمعصية، فهناك أدوية فعالة جدًّا في علاج مثل هذا الاضطرابات السلوكية.
ولا تنسَ أن الله هو الذي يعصم عباده من الوقوع في الزلل، فكما يغفر لهم الذنوب والخطايا، فهو قادر على أن يهبهم قوة تعصمهم من تلك الذنوب والخطايا، إنْ هم فقط أحسنوا الظن به، واتقوا الله ما استطاعوا: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].
وأكْثِرْ من الصلاة والصيام والصدقة وسائر العبادات؛ عسى الله أن يشفيَ قلبك ويذهب همَّك وحزنك، يسر الله لك أمرك وصرف عنك السوء، ونجاك مما يسوء.
تعليقات الفيس بوك