أريد أن أبتعد عن صديقتي خشية الوقوع في الحرام
السؤال:
♦ الملخص:
شاب تعرف على زميلة له في الجامعة، وأصبحا يتواصلان معًا على الهاتف يوميًّا، وله رغبة شديدة في الحرام، وصرَّح لها بذلك وأخبرها بأن تبتعد عنها، لكنها تأبى، زاعمة أنها لا تستطيع الاستغناء عنه، وهو في حيرة من أمره، ويسأل: ما الحل؟
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب في الثانية والعشرين من عمري، تعرفت على زميلة لي في الجامعة، وأصبحنا نتواصل عن طريق الهاتف يوميًّا، وأصبحت لا أتخيَّل فكرة أن تكون بعيدة عني، وهي كذلك، وقد اعترفتُ لها برغبتي الشديدة في تقبيلها، وتوقعت أنها بعد سماعها ذلك مني أن تبتعد عني، لكنها لم تفعل، وكثيرًا ما اختلقتُ مشاكلَ كي تبتعد عني؛ لأن مشاعري ليست مشاعر صداقة، وكلما طلبت إليها أن تبتعد عني وأن ما أفكر فيه بها يغضب الله، فإنها ترفض وتصر على البقاء معي، وتتعلل بأنها لا تستطيع العيش دوني، ومع أنني أخبرتها بأن لدي رغبة شديدة فيما يغضب الله، فهي تصر أنني لست كذلك، أصبحت أتخيَّل أنني أحضنها وأقبلها، أنا أعاني عذابًا للضمير، فأنا أحبها كثيرًا ولا أريد لها أن تبتعد عني، وفي نفس الوقت لا أريد لها أن تتأذى بسبب رغبتي الشديدة فيما حرم الله؛ ما النصيحة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فعجيبٌ هو هذا الإنسان، يرى مصارعَهُ فيُقدم عليها غير مبالٍ بحثًا عن لذة ونشوة عمرها قصير، تضيع مبادئه وتذهب أخلاقه، وتموت شهامته أمام نزواته وشهواته.
لو سألناك عن الاتصالات اليومية بينك وبين هذه الفتاة، وقلنا لك: هل ترضاه لأختك؟ وماذا سوف تفعل مع أختك – لا قدر الله – لو اكتشفتَ أنها على علاقة بشابٍّ؟ وماذا سيكون رأيك في هذا الشاب الذي يُغرِّر بها؟ وماذا سوف تفعل معه؟
نحن لا ننتظر منك الإجابة، فنحن نعرفها جيدًا، وكل عاقل ذو مروءة ونخوة يعرفها جيدًا، المشكلة أنك لا تفكر بهذه الطريقة، ولا تجعل نفسك في مواضع الآخرين الذين تنتهك حرماتهم، وتغرر ببناتهم.
وأنت لا تضمن إن تطورت العلاقة بينكما إلى أي حدٍّ تصل، فلربما تطور الأمر لأكثر من التقبيل والعناق، فهذه مقدمات الزنا، فمن وقع فيها فما يلبث أن يوسوس له الشيطان بما بعده، أعاذنا الله وإياكم.
روى الإمام أحمد عن أبي أمامة قال: ((إن فتًى شابًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ، فقال: اُدْنُهْ، فدنا منه قريبًا، قال فجلس قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجَهُ، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء)).
حلُّ مشكلتك مع هذه الفتاة يبدأ بحل مشكلتك الحقيقية في ضعف الوازع الديني، والخشية من الله، والخوف من الوقوع في الرذيلة.
الشباب قد تكون لهم علاقات مع بعض الفتيات، ولكن عند الزواج يتهربون منهن، فلا يمكن أن يثق فيها، ويظل الشك يعذبه إن تزوجها، فتُفسِد عليه معصيته مستقبله، وتعكر أيامه فيظلمها ويظلم نفسه ظلمًا مضاعفًا، ثم إذا تزوج بغيرها ظل يشك في زوجته، ويسأل نفسه: هل كانت لها علاقات قبل الزواج؟ حيرة لا تنتهي، وعذاب لا نجاة منه، ومرض في القلب اسمه الشك لا شفاء منه إلا برحمة من الله.
انجُ بنفسك.
لم تتطرق في رسالتك لفكرة الزواج منها، لا من طرفك ولا من طرفها، بل إنك وصفت هذه العلاقة بالصداقة، وليس هناك ما يسمى بالصداقة بين الرجل والمرأة، هذه فكرة غير واقعية على الإطلاق تشهد رسالتك بهذا، علاقة صداقة تريد أن تقبلها وتحتضنها، وبالتأكيد يوسوس لك الشيطان بأبعد من هذا، فانجُ بنفسك منها.
هذه فتاة ساذجة تعيش أحلام وأوهام الحب والعلاقات العاطفية كما تراها في المسلسلات والميديا، أو على الأقل تقرؤها في الروايات، لا تُقدِّر الخطر المترتب على الانسياق وراء هذه الأفكار، ولن أقول لك غير: اعتبرها أختك، وابتعد عنها وعن هذه العلاقات المختلطة بشكل عام، فأنت لا تدرى إلى أيِّ حدٍّ قد تتطور العلاقة بينكما، ولا تفكر في الأمر من منطلق أنك رجل لا يعيبه شيءٌ، بل إن هذه العلاقات تعيب الرجل كما تعيب الأنثى، ويكفي أن الله جعل عقابهما واحدًا إذا وقعا في الزنا، وجعل الحد عليهما الجلد في الدنيا؛ قال تعالى في سورة النور: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، هذا الجَلْدُ إذا لم يكونا مُحصنَين بالزواج، أما إن كان كلاهما متزوجًا، فالرجم حتى الموت.
انجُ بنفسك.
ثم أنت لا تدري إلى أيِّ مدى يمكن أن يتسبب لك أو لها هذا في الأذى إذا بلغ الأمر أهلها.
وفي واقعة زنًا وحمل، قضت المحاكم المصرية بإثبات النسب استنادًا إلى تحليل الحمض النووي، فصار ولد الزنا هذا منسوبًا لأبيه، ويتحمل نفقاته والإنفاق عليه، وتوفير سكن له ولأمه حتى انتهاء سنِّ الحضانة الذي قد يمتد إلى ثمانية عشر عامًا، أنا هنا لا أتكلم عن مطابقة هذا الحكم للشريعة، ولكن عن تبعات قانونية قد تدمر مستقبل شابٍّ وفتاة، وصار الرجل ملزمًا بهذه المرأة وولدها بقية حياته، رغم أنها ليست زوجته، وصارت هي كالمطلقة تقضي بقية عمرها في رعاية هذا الطفل بلا زوج، وربما أرادت هي الزواج فألقت بالطفل لأبيه، وما قضت به المحاكم المصرية قد تقضي به محاكم أخرى في بلاد أخرى.
ونجاتك من هذا المنزلق الواعر في تقوى الله، وغلق الأبواب في وجه الشيطان.
فتُبْ إلى الله والتزم بالصلاة وقراءة القرآن وفعل الطاعات؛ عسى الله أن يتوب عليك، وينجي شباب المسلمين وفتياتهم من الفتن.
تعليقات الفيس بوك