حبيبتي مريضة بالسرطان

السؤال:

الملخص:

أمٌّ مرِضت قريبتها التي تحبها بالسرطان، وحالتها ميؤوس منها، وتخشى إن ماتت أن تُسلب سعادتها لشدة تعلُّقها بها، وترجو المواساة والدعاء.

 

التفاصيل:

السلام عليكم، قريبتي إنسانة رائعة، أحبُّها في الله، منذ عرَفتُها، لم أرَ منها ما يحزنني، بل أحبها حبًّا لا حدَّ له، وهي كذلك معي، ابتلاها الله – حماكم الله – بالسرطان، وهي الآن في حالة حرجة، ميؤوس منها طبيًّا، تتألم ولا تنفعها المسكِّنات، مرضها كسرني، وهذي الأيام أعيش حزنًا عظيمًا أثَّر في نفسيتي، أخشى فَقْدَها؛ لأني سأصاب بحزن قد يعطِّل حياتي كلها، ويسلبني سعادتي، وأخشى أن أُغضِبَ الله، فقد بدأت اعتراضات القدر تراودني، أفكِّر بالموت، فلا حياة لي بعدها، أرجوكم مواساتكم ودعواتكم – يا مَن تقرؤون كلامي – لها بالرحمة، ولأبنائها بالصبر والسلوان والرضا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإن ما سطَّرَت يمينُكِ من كلماتٍ وجُمَل تصف ما تمرين به من أسًى وألمٍ أبلغَ وصف وأحسنه، وهذه الأسطر التي تنطق بحجم المعاناة ومشاعر الألم والخوف من الفقد لَهِيَ من علامات القدرة على الوعي بالذات، وفهمها، وتوصيف المشكلة، وهذا كله يمثل الخطوة الأولى من خطوات العلاج.

 

لا شكَّ – أختي الكريمة – أن هناك من البشر من يتميز بصفات جميلة ومآثرَ حسنة، تدعونا للاقتراب منه والحرص على التعامل معه، فصاحب الخُلُقِ الحسن يألَف ويُؤلَف، ويُرجى له كل خير؛ يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا))؛ [رواه الترمذي].

 

وإن من لوازم المروءة والوفاء الدعاءَ لها ومواساتها ومساندتها في أزْمَتِها، لعل الله سبحانه أن يعيد لها عافيتها ورونقها.

متعلق:  أبي وأمي مثل الإخوة

 

داوُوها بالأسباب الشرعية من الرُّقْية والصدقة ونحوها، وكذلك بالأسباب المادية من أدوية وبرامج علاجية، واعلموا أن الله هو الشافي المعافي سبحانه، وهو الرحمن الرحيم جل في علاه، ولعل الله بحكمته تبارك وتعالى قد أراد لها الرِّفْعة وتطهيرها من الذنوب.

 

أعينوها على الصبر وحسن الظن بالله سبحانه، وأحِيطوها بالرعاية، ولا تستبقي الأحداث وتفترضي الأسوأ، وإنْ حَصَلَ ما تخشَين مِنْ فَقْدِ مَن كان طيِّبَ الْمَعْشَر، ويتحلى بمكارم الأخلاق، حتى تمكَّنت محبته في القلب، وشَقَّ على النفس الابتعاد عنه، فلا يخفى عليكِ أن المؤمن بالله سبحانه يوقن بأنه في دار ابتلاء، وأن الأمر كله لله سبحانه لا مانع لِما أعطى، ولا معطيَ لِما منع تبارك وتعالى؛ يقول الله سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 – 157].

 

ويوقن كذلك بأن الصبر أجره عظيم؛ يقول الله سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

 

وعندها اسألي الله العوضَ الجميل، ولا تنكفئي على نفسكِ، وتتعلق نفسكِ بأحدٍ من البشر قد ارتحل، وواسِي نفسكِ بالدعاء لمن رحل، والصدقة عنه، وذِكْرِ محاسنه؛ عسى أن يصيبه الخير بكثرة دعاء الناس له، وابحثي عن علاقات جميلة، وجدِّدي حياتكِ، ونوِّعي أنشطتكِ؛ ذلك أن الاستسلام للهموم يُورِث اليأس والسخط، وقد ابتُلِيَ من هو خير منا عليه الصلاة والسلام، والصحابة الكرام رضي الله عنهم، والصالحون من بعدهم – بفقد الكثير ممن يحبون، ولكنهم صبروا واحتسبوا، حتى لقُوا الله سبحانه، فرَضِيَ عنهم وأرضاهم.

 

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

متعلق:  تقدمت مرتين لخِطبة الفتاة التي أُحبها، ورفضني أهلها




#حبيبتي #مريضة #بالسرطان

تعليقات الفيس بوك

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

يُرجى السماح بعرض الإعلانات على موقعنا الإلكتروني.

يبدو أنك تستخدم أداة لحظر الإعلانات. نحن نعتمد على الإعلانات كمصدر تمويل لموقعنا الإلكتروني.